في مبادرة رامية إلى تحسين أداء المؤسسات الحكومية وجودة خدماتها، دشن معهد الإدارة العامة بالشراكة مع هيئة الحكومة الإلكترونية يوم الخميس الماضي برنامج خدمة العملاء للقطاع الحكومي، الأول من نوعه في المملكة يقدم على مستويين، ويستهدف العاملين في خدمات العملاء الذين يشرفون أو يتعاملون مع المستفيد من خدمات الحكومة بشكل مباشر أو غير مباشر.
حضر حفل التدشين، الدكتور رائد محمد بن شمس مدير عام معهد البحرين للإدارة العامة والسيد محمد علي القائد الرئيس التنفيذي لهيئة الحكومة الإلكترونية، إلى جانب المدراء والقائمين على البرنامج وموظفو القطاع الحكومي الملتحقين بالبرنامج.
يأتي هذا البرنامج تماشياً مع رؤية مملكة البحرين 2030، والمبادرات الإستراتيجية المتعلقة بها، فقد تم تصميمه بطريقة تسهم في تحسين أداء المؤسسات الحكومية الخدماتية، وذلك من خلال تطوير أداء العاملين في هذا المجال على جميع مستوياتهم الوظيفية، وتمكينهم من أداء مهامهم الوظيفية بتميز.
لقي البرنامج بمستوييه إقبالا كبيرا من الموظفين والمسئولين الحكوميين بمجرد إطلاقه أدى إلى استكمال عملية التسجيل في وقت قياسي ووجود عدد كبير على قوائم الانتظار، وهو دليل على أهمية البرنامج والاهتمام الكبير الذي يوليه الموظف البحريني لتطوير المهارات فيما يتعلق بخدمة العملاء، ويشارك في البرنامج 85 موظفاً حكومياً يعملون في مجال خدمة العملاء من مختلف المؤسسات والوزارات الحكومية المعنية بهذا المجال، وسيحصل كل متدرب بعد استيفائه لشروط التخرج على شهادة من معهد الإدارة العامة معتمدة من معهد القيادة والإدارة البريطاني (ILM)، بعد أن يقدم كل متدرب عرضا في نهاية البرنامج يشرح فيه دوره في تطوير خدمة أو اجراء كان يعمل عليه في وقت سابق، مع إبراز نتائج هذا التغيير والأثر الذي ترتب عليه.
في بداية الحفل ألقى السيد محمد القائد الرئيس التنفيذي لهيئة الحكومة الإلكترونية كلمة استهل فيها بالتعبير عن سعادته لتدشين مثل هذه البرامج الاحترافية والمعتمدة التي تجسد التوجه الوطني الواعي لنشر ثقافة التميز في خدمة العملاء في القطاع الحكومي، وتأهيل الكوادر المعنية بتقديم الخدمات من خلال رفع مهاراتهم القيادية وصقل قدراتهم التواصلية مع العملاء.
وأشار القائد إلى دور الحكومة الإلكترونية المتمثل في تقديم الخدمات الحكومية للعامة بعد تبسيطها وإعادة هندستها بهدف توفيرها بأسلوب سهل لا بيروقراطي يضاهي في خدماته القطاع الخاص مشيراً إلى قنوات تقديم الخدمات المتنوعة من البوابة الإلكترونية وبوابة الهاتف النقال ومركز الإتصال الوطني ومراكز الخدمات الإلكترونية والمنصات الذاتية وتطبيقات الأجهزة الذكية.
وأضاف القائد أن الحكومة الإلكترونية حرصت على مشاركة المعهد في تقديم هذه الدورة ورعاية موظفي القطاع الحكومي بهدف إحداث التغيير في تجربة خدمة العملاء، بحيث تكون منسجمة لا يشعر خلالها المتعامل بالفرق سواء قام بانجاز الخدمة شخصيا عبر مراجعته للمبنى الوزاري أو عن طريق الخدمة الإلكترونية.
وأشار القائد إلى أهم الأدوار التي تضطلع بها الحكومة الإلكترونية المتمثلة في تقليل إحتكاك الموظفين مع المتعاملين من خلال استغلال قنوات تقديم الخدمات الإلكترونية، ولكن بالرغم من ذلك لا يزال هناك البعض ممن يحتاج لمراجعة الجهة الحكومية والتعامل مع موظف خدمة العملاء، وهنا لابد أن يدرك هذا الموظف دوره الهام في تقديم خدمات ذات جودة عالية تسهم في رفع مؤشر رضا المتعاملين الذي سينتج عنه رفع مستوى أداء العمل الحكومي والمتماشي مع الرؤية الإقتصادية 2030، والأهم من ذلك دور الموظف الحكومي في تقديم الاقتراحات والحلول التي تسهم في تبسيط الإجراءات وتطوير أساليب تقديم الخدمات ليكون شريكا أساسيا لعملية التطوير كونه أكثر شخص له دراية بالخدمة وتفاصيل تقديمها.
كما تحدث الرئيس التنفيذي لهيئة الحكومة الإلكترونية بهذا الصدد قائلاً أنه مع الضغط المتزايد على الميزانيات وصعوبة عملية التوظيف يقابله زيادة في عدد المراجعين للجهات الحكومية، وبالتالي سيصبح من الصعب الاستمرار في تقديم الخدمات الجيدة وعليه يمكن لموظفي خدمة العملاء إرشاد المتعاملين إلى وسائل بديلة للإستفادة منها.
كما أكد القائد على ضرورة إمتلاك موظف الصف الأول لجميع المعلومات والوسائل التي تقدم من خلالها الخدمات وأثناء إعداد البرنامج مع المعهد تم تخصيص قسم معني بشرح آلية التعامل مع التقنيات الحديثة من بينها خدمات الحكومة الإلكترونية بحيث يمكن للموظف انجاز الخدمة عن طريقها أو إرشاد العميل حول آلية استخدامها.
وفي ختام حديثه، أكد الرئيس التنفيذي لهيئة الحكومة الإلكترونية على ضرورة تعاضد الجهات الحكومية لتكمل بعضها وتعمل نحو تحقيق أهداف الرؤية الإقتصادية 2030، مشيراً إلى أنه بحسب التوجهات الحديثة فإنه من المفترض أن تعمل الحكومات على وضع السياسات والضوابط على أن تقوم بتنفيذها الجهات المختصة سواء في الجانب التعليمي، أو التدريبي، أو المهني وغيره، وهو ما سيعمل حتماً على تقليص المصروفات والجهد والوقت مع ضمان تقديم نتائج ذات جودة أعلى في حال عملت كل جهة على حدة، مشيداً بدور معهد الإدارة العامة في تقديم البرامج التي تساهم في تحقيق أهداف التطوير الإداري للجهات الحكومية.
من جانبه، ألقى الدكتور رائد بن شمس المدير العام لمعهد الإدارة العامة كلمة بين فيها أهمية تحسين وتطوير مستوى الخدمات في المؤسسات الحكومية، بدءاً من مقدمي هذه الخدمات. وأشار من جانبه أن هذا التحسين قد لا يقتصر فقط على الخدمة نفسها بل حتى على مقدم الخدمة وطريقة تعامله مع العميل، التي ستعود بالنفع عليه وعلى العميل نفسه.
وأكد بن شمس حرص المعهد على إخراج هذا البرنامج بصورة متميزة، لما له من أهمية كبيرة في كسب رضا المواطنين، وأضاف بن شمس:” سعينا جاهدين للحصول على اعتمادية من معهد القيادة والإدارة البريطاني (ILM)، لإيماننا بأهمية جودة التدريب التي ستنعكس بشكل إيجابي على المتدربين، وستسهم في صقل المهارات واكتساب الخبرات في هذا المجال الواسع والمهم، مما سيؤدي إلى تطوير النظم والآليات التي يعمل عليها المتدربون في القطاع العام كلن في موقعه”.
وأشار مدير عام معهد الإدارة العامة إلى التحديات الكبيرة التي تواجه المسئولين عن خدمة العملاء في القطاع الحكومي نظرا لطبيعة الأعمال والثقافة المؤسسية التي تختلف بينه وبين القطاع الخاص.
وأكد بن شمس أن البرنامج لن يقتصر على تدريب الموظفين على المهارات والأساليب اللازمة في هذا المجال، بل سيتعدى ذلك حيث سيقوم كل متدرب بتسليم مشروع التخرج الذي سيبنى على أرض الواقع باختيار المتدرب لإحدى الآليات التي يعمل عليها حالياً ويقوم بتحسينها وتطويرها، وذلك من أجل ضمان أكبر فائدة محصله للمتدرب والمؤسسة والمواطن.
وفي عرض قدمته غادة شناعة مدير أول البرامج الاحترافية بمعهد الإدارة العامة أوضحت فيه أن فكرة البرنامج جاءت باعتبار خدمة العملاء المتميزة هي المفتاح الرئيسي لنجاح المؤسسة وتميزها. وعن تفاصيل هذا البرنامج بينت شناعة أن البرنامج يستهدف جميع العاملين في مجال خدمة العملاء في القطاع الحكومي، وذلك لمدى التأثر والتأُثير الناتج من كل موظف يعمل في هذا المجال، وأضافت:”من هنا حرص المعهد على إصدار مستويين الأساسي والمتقدم، مبينه أن برنامج خدمة العملاء (خدمة) يستهدف جميع العاملين في الصف الأول سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، في حين برنامج خدمة العملاء (تميز) يستهدف مدراء الإدارات ورؤساء الأقسام والمشرفون المعنيون بخدمات العملاء في القطاع العام”.
وعن أهداف البرنامج أوضحت شناعة أن البرنامج يسعى إلى ربط مفهوم الخدمة المتميزة برؤية البحرين 2030، بالإضافة إلى تعزيز ثقافة التميز في خدمة العملاء في القطاع الحكومي، وتنمية مهارات العاملين في خدمة العملاء في جميع المستويات الوظيفية، هذا بالإضافة إلى ضرورة العمل مع الوزارات والجهات الحكومية لوضع معايير أداء خدماتية (موحدة) ترقى إلى المعايير المعتمدة في الدول الأخرى المتقدمة، وأخيراً العمل مع الوزارات والهيئات الحكومية لوضع استراتيجيات تسهم في تعزيز التميز في الخدمات.